دبي – الإمارات العربية المتحدة، : اختتمت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أعمال الدورة السابعة لمنتدى المالية العامة للدول العربية، الذي تنظمه وزارة المالية بالشراكة مع صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي تحت عنوان “الاستدامة المالية في المنطقة العربية في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا: التحديات والفرص”، وذلك على هامش القمة العالمية للحكومات 2023. وافتتح معالي محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية أعمال الدورة السابعة لمنتدى المالية العامة للدول العربية، بحضور السيدة كريستالينا جورجيفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، ومعالي الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إلى جانب معالي الوزراء ومحافظي المصارف والبنوك المركزية في الدول العربية، والسادة رؤساء ومدراء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.

وخلال كلمته، نقل معالي محمد الحسيني تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، واهتمامه ورعايته الكريمة لاستضافة المنتدى في نسخته السابعة ضمن إطار القمة العالمية للحكومات، وكذلك تحيات سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وتمنياته لجميع المشاركين بإقامة طيبة، والنجاح للمنتدى والخروج بتوصيات تدعم التنمية الاقتصادية في دولنا العربية، وتعمق أسس وآليات العمل العربي المشترك. وقال معاليه: “يعتبر منتدى المالية العامة للدول العربية منصة رائدة لتبادل الخبرات والحوار حول الخطوات المستقبلية اللازمة لدعم النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز فرص الاستثمار، وتوفير فرص عمل أكبر، إذ يعد المنتدى فرصة هامة للتشاور حول المستجدات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على اقتصادات الدول العربية.

” وأشار معاليه يأتي انعقاد المنتدى هذا العام في ظل ظروف تتزايد فيها مخاطر التباطؤ الاقتصادي العالمي وانعكاساته على المنطقة العربية، والذي يتزامن مع ارتفاع مستويات التضخم وتعطل سلاسل الإمداد، والتحديات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الغذاء، كذلك مصحوباً بظروف مالية ضاغطة في أعقاب التحفيز المالي، والارتفاع غير المسبوق لمستويات الدين الخارجي ولمواجهة هذا الارتفاع يتطلب إقامة شراكة عالمية بالتعاون مع صناديق التنمية متعددة الأطراف الإقليمية والدولية وصندوق النقد والبنك الدوليين.

بالإضافة إلى مبادرة تعليق خدمة الدين، التي أطلقتها مجموعة العشرين في اجتماعها بالرياض جراء جائحة كورونا لمعالجة ديون الدول النامية وزيادة المساعدات الإنمائية لتلك الدول وخلق نظام تجاري عالمي يتسم بالانفتاح. وأوضح معاليه إلى أن الدين الخارجي للدول العربية بلغ حتى عام 2020 مبلغ 364.9 مليار دولار وبلغت مصاريف خدمة الدين 25.6 مليار دولار أمريكي، كما تشير الإحصاءات أن نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي للدول العربية قد ارتفع من 88.10% في عام 2010 إلى 176.79% في عام 2021 (بحسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022)، وعليه ينبغي تحسين السياسات المالية بطريقة استراتيجية لتحسين الحيز المالي والنمو الاقتصادي وتقليل تجديد الديون عبر خفض النفقات وتعزيز آليات الموازنة العامة. أدوات السياسة المالية وعلى الصعيد الاقتصادي، شدد معاليه على ضرورة مساهمة السياسات المالية في تعزيز استقرار الاقتصاد وتسريع النمو عبر استخدام أدوات السياسة المالية لإدارة الطلب الكلي، ومواصلة تطوير إدارة الديون والتوجه للتمويل عبر الأسواق المحلية، ووضع خطط للتنمية حسب التطورات الاقتصادية العالمية الراهنة، مع توظيف سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية؛ سواء لتعزيز النشاط الاقتصادي وتوليد فرص العمل أو لإبقاء التضخم تحت السيطرة ومنع الاقتصاد من الإنهاك. وأشار معاليه إلى أن دولة الإمارات وفي إطار سياستها الرامية إلى دعم برامج الإصلاح الاقتصادي والمساهمة في تنفيذ مشاريع إنمائية في الدول العربية والدول الأخرى، قد قدمت قروضاً ومساعدات تنموية إلى الدول النامية خلال الفترة من عام 2012 إلى 2022 بقيمة 255.5 مليار درهم بمتوسط معدل سنوي نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي واستفادت منها 148 دولة حول العالم. هذا وقدمت الدول العربية من خلال مجموعة التنسيق العربية مساعدات إلى الدول النامية حتى نهاية عام 2022 بقيمة 245 مليار دولار أمريكي.

وقال معاليه: “يكتسب الانتعاش الاقتصادي زخماً مدعوماً بالاستجابة المبكرة والقوية لدولة الإمارات وسياسات الاقتصاد الكلي المستمرة، بالإضافة إلى الجهود الإصلاحية القوية في إطار استراتيجية الدولة 2050 الطموحة لتعزيز نمو القطاع الخاص وتنمية مهاراته لتعزيز النمو غير النفطي وجذب الاستثمارات الأجنبية والتسلسل الجيد لجهود رفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي المتنوع والمستدام والشامل، بما في ذلك زيادة مشاركة المرأة وتمكينها اقتصادياً، وتعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات والتخفيف من آثار تغير المناخ والقدرة على التكيف معه.” وأشار معاليه إلى جانب كون الضرائب أداة فاعلة ذات تأثير كبير على النمو الاقتصادي، فهي تشكل إحدى مصادر تمويل الميزانية وتنويع النشاط الاقتصادي. وستقوم دولة الإمارات بتطبيق ضريبة الشركات والتي صدر قانون بشأنها خلال شهر ديسمبر 2022، علماً بأن نظام ضريبة الشركات سيدخل حيز التنفيذ بتاريخ 1 يونيو 2023، مما يسهل عملية تمكين التخطيط المالي على المدى المتوسط والطويل، وبما يحقق استدامة واستقرار الميزانية العامة، ويحافظ على معدلات النمو الاقتصادي ويعزز تنويع مصادر الإيرادات ورفع كفاءة الانفاق الحكومي، وتشجيع القطاع الخاص وتبني سياسة التمويل الأخضر والمستدام. ونظراً لأهمية التمويل الأخضر باعتباره فرصة لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي فقد سعت الحكومات والمؤسسات المالية والشركات إلى الاستفادة منه، حيث شهد سوق التمويل الأخضر العالمي نمواً سريعاً على مدار العقد الماضي، في ظل تطوير أدوات مالية مثل السندات المصنفة باعتبارها خضراء، والقروض الخضراء، وصناديق الاستثمار الخضراء، والتأمين الأخضر، والصكوك الخضراء التي تصدرت في الآونة الأخيرة. وقال معاليه: “اتجهت الدول العربية لطرح أدوات الدين المحلية والدولية بهدف رفع كفاءة إدارة الدين لتأمين احتياجات الموازنة بأقل التكاليف وعند مستوى معقول من المخاطر وزيادة القدرة على النفاذ إلى الأسواق المختلفة، متضمنا أدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كالصكوك السيادية وسندات التمويل الخضراء.” نمو اقتصادي وفي ختام كلمته جدد معاليه من خلال المنتدى حرص دولة الإمارات على تبادل الخبرات والتجارب التنموية المتعددة الجوانب مع مختلف الدول، والتي استطاعت من خلالها الدولة تحقيق نمو اقتصادي حقيقي يقدر بنحو 5.9% خلال عام 2022 مقارنة بـ 4.7% في العام السابق (حسب تقرير البنك الدولي)، فضلاً عن ارتفاع نسبة نمو الناتج المحلي غير النفطي بمعدل 6.1% في عام 2022، كما تجاوز حجم التجارة الخارجية غير النفطية حاجز التريليون درهم خلال منتصف العام 2022. وأوضح معاليه إلى أن الريادة في السياسات والمبادرات التجارية والاقتصادية التي تبنتها دولة الإمارات قد أثمرت عن تحقيق إنجازات غير مسبوقة في مؤشرات التنافسية العالمية، إذ جاءت الدولة بين الدول الـ 10 الكبار في أكثر من 28 مؤشراً من أبرز مؤشرات التنافسية العالمية لعام 2022 في مختلف قطاعات المالية والاقتصاد والتجارة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والاستثمار.

وتوجه معاليه بالشكر لصندوق النقد العربي على الترتيبات المتميزة لعقد هذا المنتدى، ولكل من ساهم في إنجاح فعالياته. جلسات المنتدى وتضمن المنتدى أربع جلسات حوارية الأولى بعنوان “تطورات وآفاق الاقتصاد الكلي” وناقشت التطورات الاقتصادية العالمية والإقليمية الراهنة والتوقعات المستقبلية، مع التركيز على التحديات والأولويات الرئيسة للسياسة المالية. أما الجلسة الثانية “إدارة مخاطر المناخ والفرص: السياسة المالية وتغير المناخ”، فقد ركزت على تدابير السياسة المالية لمواجهة التحديات والفرص المرتبطة بتغير المناخ وضمان الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر. وترأس الجلسة معالي محمد بن هادي الحسيني وزير دولة للشؤون المالية. وتناولت الجلسة الثالثة “إدارة مخاطر السياسة المالية” نطاق إدارة مخاطر المالية العامة والتحديات التي تواجهها الدول العربية. أما الجلسة الرابعة بعنوان “تمويل احتياجات السياسة المالية: تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية”، فقد ألقت الضوء على أهمية اتخاذ الإجراءات والسياسات اللازمة للحد من انتشار القطاع غير الرسمي والذي يصعب فرض الضرائب عليه، لتوسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الامتثال.. يشار إلى أنه في ختام فعاليات المنتدى قد تم تنظيم مائدة مستديرة لمعالي الوزراء شارك فيها معالي وزراء المالية العرب والسيد فيتور غاسبار، مدير دائرة الشؤون المالية العامة لدى صندوق النقد الدولي، ومعالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي، مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي.